تابعوني في Twitter

السبت، 12 أكتوبر 2013

نار الله

لاشك أنهم مرضى يحتاجون إلى العلاج، وعلاجهم الوحيد في استعمال العقل، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فعقولهم تتوقف عند منطقة معينة تعد محرمة عليها. وعندما نكون مهتمين بأمر واحد من هؤلاء المساكين فأعتقد أن أول ما ينبغي عمله محاولة إقناعه بأن عقله ليس طليقاً، وأنه يجب أولاً أن يفك قيده.
وترجع القصة إلى زمن الطفولة فإذا مثلاً نشأنا في المجتمعات التي تنتشر فيها الديانة الإبراهيمة (اليهودية، المسيحية، الإسلام) فلسوف يقومون حين تبدأ أزهار عقولنا في التفتح بحشوها بالأفكار عن الإله الذي أوجدنا ومنحنا كل شيء، ولا ينفك يراقب كل تصرفاتنا، حتى نراه حقيقة يتفق عليها الأهل، والأساتذة، ورجال الدين، والأصدقاء، وجميع الشخصيات الوالدية في حياتنا، بل ولا سبيل للشك فيها مطلقاً. ويتم قمع أي تساؤل من نوع: من خلق الله؟ لماذا يحرق الناس بالنار؟! لماذا لا نراه؟ ... إلى آخر تساؤلات الطفولة البريئة هذه، وتأتي الإجابة دائماً حاسمة وغير قابلة للنقاش: فالتفكير في خلق الله من عمل الشيطان الذي حسد الإنسان وكرهه منذ القدم، ويقضي وقته كله في (الوسوسة) إليه عن طريق الأفكار التي يسربها إلى عقله ليكفر في النهاية ويدخل النار إلى الأبد.


والمجال الذي تشمله أفكار (الوسوسة) واسع جداً، وكمؤمن سيزيد اعتقادك بأنك تتعرض للوسوسة كلما اقتربت من التفكير في جذور الإعتقادات الدينية ومصدرها، وحينها يلزمك أن تكف عن تلقي الوساوس الشيطانية، أي عن التفكير الذي قد يرديك ويهوي بك في النار.
 ويتم ترسيخ مفاهيم عن الله مثل أنه يعلم ما لا نعلم، رقيب حتى على الأفكار، قوي جبار يبطش بأعداءه، بالإضافة إلى مئات القصص عن القديسيين والصالحين الذين قرَّح أجفانهم البكاء من خشية الله، أو العصاة الأشرار والكفار الذين سوف يتاح للمؤمنين في الجنة رؤيتهم وهم في جهنم ينضجون وتتجدد أجسامهم مرة أخرى وهكذا إلى الأبد، وكأن هذا لا يكفي وحده للإرهاب لذلك شحنت الكتب المقدسة بالحديث عن رائحة الكبريت المحترق، والصراخ الأبدي، والعقارب والحيات، والصديد، والقيح، والماء المغلي الذي يقطع الأمعاء! وما إلى ذلك مما أسعف به الخيالُ مطوري هذا الهذيان عبر العصور.
وتستخدم جهنم المرعبة كسلاح في يد الكبار الذين يريدون إملاء عقائدهم الخاصة على أطفالهم دون أن تكون عقولهم الصغيرة قادرة على فهم ما يقال وتحليله تحليلاً سليماً، ويجعلهم الترويع يكبرون وهم أسرى هذه الفكرة المروعة، وقد رتبوا صنوفاً متنوعة من العذاب على أفعال بعينها قسم منها كبير يدور حول الجنس والمرأة، وينسب إلى محمد كما في البخاري ومسلم أنه قال : "اطلعت في النار فوجدت أكثر أهلها النساء". ولسوف يقوم هؤلاء الذين كانوا أطفالاً بالأمس بتكرار جريمة تلقين الخرافة بإخلاص مع أطفالهم أيضاً، ويقوم رجال الدين بدور كبير بلا شك في كل هذا أو قد يستثمرون فيه.

وقد استنتجت من تجربتي الشخصية أن غرس الخوف من النار باكراً في بدايات العمر يترسخ في العقل ترسخاً يكاد يستحيل التخلص منه؛ وأتذكر أنني أيام مراهقتي كنت أجد  الخوف العميق من النار يطفو على السطح كلما لاحت لي أي من التساؤلات المنطقية عن الله، أو الرسل، أو آيات وأحاديث بعينها، فيقضي عليها في مهدها. ولقد استمر هذا النزاع الداخلي إلى أن حُسم تماماً عندما اقترب عمري من  الثلاثين، عندما كففت عن الإعتقاد في الله بعدما سمحت لنفسي فجأةً أن أستعير عقل ملحد لدقائق فقط! واستغرقت أياماً أفكر، واستغرقني الذهول حتى أنني في صلاتي وقتئذٍ أقف لا أجرؤ على قراءة الفاتحة وغيرها من أذكار الصلاة لرفض العقل محتواها، فكنت أقوم بالحركات ذاهلاً عما سواها، بعدها امتلكت عقل ملحد واثق، ومع الأسف فإن التغيير الذي يحدث في العقل يكون سطحياً فالخوف من جهنم لا يزال موجوداً في مكان ما من من العقل، والأمر قد يحتاج إلى المعالجة النفسية.
هناك حقائق تغري بإعمال العقل، فالولادة لأبوين على دين ما تُدخل إليه الملايين من المؤمنين، بينما لا تُدخل الوسائل الأخرى كالدعاية الدينية أو الإكراه عدداً يذكر، برغم كل الجهود والأموال التي تنفق في سبيل ذلك، مما يعني أن الأديان لا بقاء لها إذا تم إيقاف مجزرة فرضها على الأطفال.
يجب علينا إذاً كسر هذه الحلقة اللعينة، ووقف وصم الأطفال بهذه الأديان الباطلة كلها، لايجب أن يقول عاقل عن طفل إنه مسلم، مسيحي، يهودي، بوذي، هندوسي، مثلما لا يقولن عاقل عن طفل إنه اشتراكي أو ليبرالي.
وأخيراً يجب أن نتأكد أننا لو علمنا الأطفال أن يبصقوا على نار الله، فلسوف يطفؤونها إلى الأبد.

الشمس تقضي لياليها في عين حمئة

حين كان (ذو القرنين) يجوب البلاد طولاًوعرضاً، وصل إلى أقصى الارض في شرقها فرأى بعينيه كيف تبدو الشمس في أقصى المشرق وقت الشروق، لكن هذا لا يعني شيئاً إذ الأروع حال الشمس في أقصى الغرب حيث وحينما حل ذو القرنين هناك شاهد بعينيه شيئاً في غاية العجب؛ رأى الشمس تغرب في عين حامية ماؤها وحل يغلي.
مات ذي القرنين وتحولت الأرض من منبسطة كما تصورها القدماء إلى كروية وزاد حجم الشمس التي كانت في حجم الكرة أيام ذي القرنين إلى أن أصبحت الآن أكبر من الأرض مليون مرة ولكن مليار وربع مليار إنسان يعيش في الماضي مع ذي القرنين يتغنى بهذه الآية من سورة الكهف :

(ثم اتبع سبباً حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئة) الكهف:86

تقرأ حمئة وحامية قراءتان؛ ففي الدر المنثورعن أبي ذر قال " كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال أتدري أين تغرب قلت الله ورسوله أعلم , قال فإنها تغرب في عين حامية " غير مهموزة  
و أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة الكهف ( تغرب في عين حامية ) : قال ابن عباس فقلت لمعاوية ما نقرؤها إلا حمئة , فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف نقرؤها فقال عبد الله كما قرأتها . قال ابن عباس فقلنا لمعاوية في بيتي نزل القرآن , فأرسل إلى كعب فقال له أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال له كعب سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب .  
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار وعليه برذعة أو قطيفة قال فذاك عند غروب الشمس فقال لي يا أبا ذر هل تدري أين تغيب هذه؟ قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تغرب في عينٍ حمئة تنطلق حتى تخر لربها عز وجل ساجدة تحت العرش فإذا حان خروجها أذن الله لها فتخرج فتطلعُ فإذا أراد الله أن يطلعها من حيث تغرب حبسها فتقول يا رب إن مسيري بعيدُ فيقول لها اطلعي من حيث غبت فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها ..





فإذا كان الحالُ أن الأرض هكذا ..




والعين الطينية تبدو هكذا..



فإن الشمس كي تغرب فيها يجب أن تكون هكذا ..




أو هكذا ..






أو حتى هكذا ..



إنما أبداً ليس هكذا ..


يوم يكشف الله عن ساقه



في مشهد من أهم مشاهد اليوم الرهيب الذي يجعل الولدان شيباً، (يوم القيامة) وقبل أن يعبر المؤمنون الجسر ـ الرفيع كشعرة ـ  والمنصوب على ظهر جهنم، مشهد يبدو لي حميماً للغاية؛ حيث يكشف الله عن ساقه الجميلة  فقط من أجل عيون المؤمنين الذين لن يعرفوه إلا بهذه الحركة المثيرة ..

(يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) ن:42

في الصحيحين (البخاري ومسلم)  عن أبي سعيد الخدري قال سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول:
"... وإنا سمعنا منادياً يقولُ :ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنا ننتظرُ ربنا ، فيأتيهم الجبار عز وجل في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرةٍ، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا! ولا يُكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفوها؟ فيقولون: الساق ! فيكشف عن ساقه، فيسجد كلُ مؤمن، ويبقى من كان يسجد رياءً وسمعةً، فيذهب كيما يسجدُ، فيعود ظهره طبقاًواحداً ...".

من كان يظن أني تحت تأثير الخمر فاليتأكد بنفسه من الآية والحديث في البخاري ومسلم!

النبي يراوغ

إن من أشد ما كان يحرج محمد (النبي) مطالبة قومه إياه بأن ياتي لهم بآية تميزه عن من سواه من البشر وتثبت أنه مبعوث من (الله) غيرُ كاذبٍ ولا مدعي ولا مهووس .بل إنهم أقسموا له مراراً وتكراراً بكل ما عرفوه من أيمان عزيزة أنهم سوف يؤمنون به لو أتاهم بآية، كيف لا وقد صدع رؤوسهم بذكر الآيات والمعجزات التي أتى بها (الأنبياء) من قبله؟! ـ كما يعلم كل من قرأ القرآن ـ وكانوا معه واضحين كل الوضوح فكيف واجه هذا الطلب المحرج ؟  الإجابة نعرفها من خلال (القرآن) ذاته فقد سلك محمدٌ عدة مسالك ولكنها  بدت ضعيفة ومتناقضة كما سنرى:

1- الزعم بأنه لو أتاهم بآية فسوف يستمرون في التكذيب وسيتحتم على (الله) تغليظ العقوبة عليهم :

(قل إني على بينةٍ من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين * قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين) الأنعام:57 - 58
لا أملك تقديم آيات، ولو جاءتكم الآيات سينتهي الأمر، ستقوم القيامة وتدخلوا النار؛ إذ لا بد من الإيمان قبل رؤية أي آيات!!

(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل أنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) الأنعام:109

بالرغم من إقسامكم بالتصديق برسالتي لو جئتكم بآية، الله وحده يملك إرسال الآيات ومن يضمن لي بعد أن تأتيكم سوف تصدقونني؟!

(هل ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعضُ أيات ربك يوم يأت بعضُ آيات ربك لا ينفعُ نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون) الأنعام:158
الإيمان هنا  تحصيل حاصل .. حسب هذه الآية وأمثالها لا بد من الإيمان كي يكون مقبولاً أن يكون قبل رؤية الآيات ! لماذا؟!

2- الادعاءُ بأن الذي مَنعَ (الله) من إتحافهم وإخراسهم بهذه الآيات المعجزة تجربته السابقة مع الأمم السابقة :

(وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) الإسراء:59
بعد تجربته المريرة مع الأمم السابقة (الله) امتنع عن إرسال آيات.. كفى!

3- الزعم بأن (القرآن) وحده آية كافية وأنه حجة مقنعة وأنه معجزة باهرة لا يمكن تحديها :

(وقالوا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذيرٌ مبين * أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقومٍ يؤمنون) العنكبوت:51

بالرغم من أن الحكم على القرآن أمرٌ نسبي إلا أنه يصر على أنه كافٍ جداً للتأكد من أنه ليس من عنده بل من عند الله ..

(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) الإسراء:88

وهذا تحدٍ لا معنى له يكشف مدى الاغترار بالقرآن واعتباره معجز في حد ذاته ..

4- الزعم بأنه حتى لو جاءهم بآية فسوف لن يفهموها :

( ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاسٍ فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبين * وقالوا لولا نزل عليه ملكٌ ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون * و لو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون) الأنعام:7-9 
ا
لمشكلة داماً في هؤلاء الناس، وليست في محمد.

(ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون) الحجر :14-15

هكذا افترض في القوم الإصرار على عدم الإيمان ولو فعل لهم الأعاجيب، هلا فعلت بعضاً منها لنتأكد بأنفسنا ؟ !

6- الاكتفاء بالرد بأن الله قادر أن ينزل آية وإلقاء اللوم عليهم وتجهيلهم :



(وقالوا لولا نزل عليه آيةٌ من ربه قل إن الله قادرٌعلى أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون) الأنعام:37

إذن هو قادر على أن ينزل الآيات، لكن المشكلة أنهم لا يعلمون !


7-مطالبتهم بانتظار الآيات من الله ربما يأتيهم بآية وقد لا يفعل لأن ذلك في علم الغيب :


(ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين) يونس:20

انتظر أنت لوحدك سيدي، في الواقع وقتنا ثمين .

8- ادعاء معجزات لا يمكنهم التحقق من صحة وقوعها أبداً :

(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) الإسراء:1

هكذا ببساطة ! 

(علمه شديد القوى * ذو مرةٍ فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنى فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى * ولقد رءاهُ نزلةً أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى) النجم:1-18

لقدر رأى وحده من آيات ربه الكبرى ، ونحن يجب أن نمشي وراءه "عمياني" كما نقول في مصر.

لكن القرشيين كانوا يريدون أن يروا هم هذه الآيات الكبرى ، لأنهم هم الذين يحتاجونها.

(اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) القمر:1

مع أنه زعم أن الله امتنع عن إرسال الآيات بسبب تكذيب الأولين ..لكن يبدو أنه عاد في كلامه!

9- محاولة توظيف الظواهر الطبيعية باعتبارها آيات :

(هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشأ السحاب الثقال * ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) الرعد:12-13

لعب على سذاجة القوم وقلة علمهم!!

10- الإلتجاء للمسكنة بتذكيرهم أنه مجرد إنسان عادي مثلهم ، مجرد رسول  :
(وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً * أو تكونَ لك جنةٌ من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا * أو تسقط السماء كما زعمتَ علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً * أو يكون لك بيبتٌ من زخفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرأه قل سبحان ربي هل كنتُ إلا بشراً رسولاً) الإسراء:90-95

لست سوى إنسان بسيط ، لماذا تتحدوني ؟!!

حديث الوعول

لا زلت أتذكر تلك  الليلة من ليالي العشر الأواخر من رمضان. ها أنا بين مئات الشباب المتزاحمين حول الشيخ بعد ليلة طويلة قمنا فيها معظم الليل مؤتمين بشيخنا الخاشع ياسر برهامي الذي نحبه كثيراً. وبعد أن صلينا وراءه الفجر أخذ كل منا مكانه حول الشيخ مغالبين النعاس بعد سهرة طويلة وشاقة .. لكن التعب هين في سبيل رضى الله والفردوس. هذا الصباح كان الشيخ يقرأ من كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري. ثمت شيء ثمين أبحث عنه دائماً أثناء تلاوتي أو سماعي للقرآن، أو في دروس العلم، هذا الشيء الثمين الغالي هو اليقين وفي كل مرة يبدأ الشيخ كلمته أتطلع إلى أن يقول شيئاً يزيد إيماني ويذهب الشك من قلبي .. هذا الشك الذي جعل القلق قرين ملازم لي ، والشعور بالذنب يتعاظم حتى صار كأنه جبل أحمله على عاتقي :(أفي الله شك فاطر السماوات والأرض؟!!) ترى ماذا سيقول الشيخ لنا هذا الصباح؟يومها كان الحديث عن عظمة الله ، وكان من ضمن ما رواه لنا هذا الحديث:    عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : مرت سحابة على رسول الله  فقال : (( ما تدرون ما هذا ؟ فقلنا: السحاب ، فقال: أو المزن ، قالوا : قلنا : أو المزن ، قال أو العنان . قلنا : أو العنان ، فقال: هل تدرون بعد ما بين السناء والأرض ؟ قلنا : لا ، قال إحدى وسبعين ، أو اثنين وسبعين، أو ثلاث وسبعين – قال: وإلى فوقها مثل ذلك حتى عدهن سبع سماوات على نحو ذلك . ثم قال:وفوق السابعة البحر أسفله من اعلاه ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوقه ثمانية أو عال ما بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم العرش فوق ذلك بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم إن الله تعالى فوق ذلك العرش )) أخرجه أبو داود في السنن  فرحتُ أتخيل عرش الله فوق الماء محمول على أربعة وعوول (من الماعز) وتطلعت إلى الشيخ الطبيب الذكي صاحب الإيمان العميق عله يأت بما يرفع الحرج ويذهب الشك ، ولكن الشيخ استطرد في ذكر روايات أخرى للحديث يذكر بعضها أسماء تلك الوعول حلمة العرش واحداً واحداً .. وأطرق قليلاً ثم قال :"سبحان الله" ..وبخيبة أمل لا توصف قلت في نفسي سبحــــــــــــــان الله!!

ثرت أخيراً...

ولدت .. لا حول لي ولا قوة ، وكملايين البشر تم تلقيني كل شيء .. ورثتُ العادات والتقاليد والدين .. كنت أصغرَ من أن أختار بنفسي..
 أسرتي كانت سلفية متشددة؛ كان والدي منضوٍ تحت راية أشد الإسلاميين تشدداً ! حفظت القرآن صبياً. والديَّ حرصا كثيراً على تلقيننا ـ أنا وأخوتي ـ (علوم الدين) .. ضاعت الطفولة تقريباً بين حفظ وعبادة وأذكار .. كنت شديد الخوف من (الله) .. رجوت دائماً أن أكون من أهل (الجنة) لا من أهل (النار).
كبرتُ وثقل همي كل يوم .. حين كان عمري 14 عاماً بدأتُ رحلتي ـ مستقلاً عن والدي ـ في البحث عن (الفرقة الناجية) وانتقلت من جماعة إلى أخرى .. تحدث يومياً انشطارات داخل الجماعات الإسلامية ..مرت سنوات أخرى قاسية.. كان حلم الدولة الإسلامية لا يفارقني أبداً ..
حين كان لي من العمر 19 سنةً انتميت إلى (الدعوة السلفية) انبهرت برموزها في الإسكندرية ولازمتهم .. كان الشيخ الطبيب ياسر برهامي في هذا الوقت أحب الناس إليَّ على الإطلاق ! ظننت أنه الرجل الذي سيقيم الخلافة ويغير العالم!!
لم أفق إلا بعد 9 سنوات .. في منتصف عام 2010  كانت ولادتي الحقيقية.
الشيء الذي ظللت طيلة عمري أخشاه حدث وكنت ـ ويا للمفارقة ! ـ سعيد جداً به .. هذا الشيء هو مجرد الشك في الله !
من أجل هذا الشك حججت 6 مرات ماشياً على قدَمَيَّ متوسلا ًلله بعملي أن يحفظ علي إيماني ..
خوفاً من هذا الشك اعتمرت عشرات المرات وقمت الليالي أصلي (لله).  لم يكن على لساني سوى دعاء واحد مكرور : "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
قراءة (القرآن) ليل نهار .. حضور (دروس العلم) .. مطالعة كتب (السلف) لم يجدي شيء من ذلك نفعاً .. كان لدي شعور دفين بعبثية كل ما أقوم به..
أخيراً وبعد تجربة مؤلمة طويلة مع الدين من الطفولة حتى عامي الـ27 أفقت فجأة وحين استعرتُ عقل ملحد لمدة قصيرة ومن ثم سمحت للأسئلة التي يخشى الإجابة عليها كل مؤمن أن تعبر إلى عقلي ومعها الحقائق انهمرت دفعة واحدة؛ و لم تعد لدي ذرة شك واحدة في أن الله مجرد وهم .. وهم تشاركه معظم الناس حقباً طويلة من الزمن ..
حينها لم أجد بداً من الثورة على هذا الوهم الذي سرق أجمل لحظات العمر .. وقررت تكريس حياتي كلها للعمل على مكافحة هذا المرض بالتعاون مع أصدقائي الرائعون الذين مروا بتجارب شبيهة وتخلصوا من الدين.
هذا المرض الذي لا زال الملايين يسمونه إلى الآن ديناً .. الدين ليس سوى وهم
سأحاول في هذه المدونة أن أنقل تجربتي مع الدين .. 
وتجربتي في التخلص من الوهم بلا رجعة ..